الأحد، 18 ديسمبر 2016

البيغ بنغ

الاسهم النارية والبيغ بنغ
---------------------
  في الليل كانت الأرض تحتفل، وعام يفلّ...
  وكان الكون يطوي زمنًا كوانتوميّـًا مستذكرًا لحظةً من لحظات البدء حيث انفجر انفجارًا عظيمًا فكان ..
  في الليل.. كنا نمتّع العيون برؤية الأسهم النارية.. كلّنا دون استثناء، الكبار قبل الصغار.. لأنّهم أكثر حرصًا على حسن سير المشهد.. وربما لأنهم صاروا أكثر رسوخًا في الرموز.. ربما لأنهم استزادوا وتزوّدوا انسانية.. بل ربما وعَـوا ما لدى الصغار من ترميز.. كمن يتعامل مع الجينات الأشدّ رسوخًا بشريّـًا..
  والقضية قضاء وقدر.. شئنا أم أبينا..
  والمسألة.. بين الإنفصال والإتصال.. بعيدة عن أي ترابط بعلوم البيئة.. إذ ان الأسهم النارية ليست معنية بحاستَي الشم والسمع، اللتين يجب العناية بعدم التعدّي عليهما،  بل هي معنية بالمشهد المنظور الممتع المؤتلف من ملايين الألوان الفوتونية.. التي تسرّ الذاكرة الجينية العميقة للانسان الأرضي..
    فالأسهم في لغتنا العربية نيازك نيازك شهبٌ شهبٌ..
    والنار.. أنوار وأضواء.. وكل نور وليد انفجار..
    أليس الفجر إنفجارًا؟
    ألا تنفجر المياه من المنابع؟
    أليست الولادة إنفجارًا عاطفيّـًا؟
    ألسنا نرى في تشظّي الأنوار ولادةً جديدةً؟
    ألسنا نرى في انتشار الأسهم النيزكية جنينًا ينمو؟
    ألا نرى فيها زمنًا يتنامى ويتقدّم ويتقادم؟
    بل إن الأسهم مساهمة ومشاركة في عملية الخلق..
    بل هي ذكرى فطرت فيها كلتا السماء والأرض..
    بل هي ذِكرى أنفجار عظيم.. 
    بل انها ذكرى البيغ بانغ..
    ذكرى قرّر فيها الكون مجدّدًا أن يكون..
    فكان الكائنُ وكان الكونُ..
    وانفجر عند ذلك الزمن..
    فتراكمت السنونَ.. فصار للسنة رأسٌ..
    ففي الأعراس نفجّر الأنوار..
    وفي الولادة نفجّر الأضواء..
    في العماد نفجّر المياه والأنوار..
    في الختان.. في الأنتصار.. في التحرير.. في كلّ الأفراح..
    ففي الأنوار حياة جديدة..
    لأنّه عندما وجدت العيون والآذان صار الكون يسمع ويرى..

الجمعة، 2 ديسمبر 2016

البربارة. الفيلولوجيا تكشف السرّ

"البربارة" حدث فيلولوجيّ بامتياز
    *********************************
   عيد البربارة أو عيد القديسة "بربارة" أو عيد الشهيدة بربارة هو عيد مسيحيّ يُحتفل فيه بشكل خاص بين المسيحيّين العرب في لبنان، سوريا، فلسطين والأردن. يحتفل به المسيحيّون الغربيّون يوم 4 ديسمبر، والشرقيّون في السابع عشر منه.
    يحتفلون بالعيد مساء يومَي 3-4 كانون الأوّل من كل سنة بتقاليد خاصة. إذ يخرج الأطفال والشباب مساءً في أزياء تنكريّة ويطوفون على بيوت الجيران والأقارب والأصدقاء ويعايدونهم، فيتمّ إعطاؤهم بعض الحلويات اي ما يشبه (العيديّة). ويرافق احتفالات البربارة أغان وأناشيدُ، حيث يخرج الناس إلى ساحات القرى وينشدون الأناشيد الدينيّة والأهازيج.
   وفي يوم العيد يتمّ سلقُ القمح والذرة التي يتم تقديمها مع السكّر والرمّان أو إضافات من حلوى أخرى ...
 و يعرف باسم "البربارة" طبق تقليديّ لهذا اليوم يقدم كنوع من تحلية،  وليس كطعام.
  يُقال انَّها اعتنقت المسيحيّة وغضب أبوها وهمّ بذبحها ولكن هربت من النافذة واختبأت في حقول القمح؛ ويبدو احتفال التنكّر الذي يمارس في العيد ترميزًا للتخفّي عن الأعين. 
  وتقول المصادر انَّها من مواليد بعلبك في القرن الثالث الميلادي ابنة ديوسقوروس وثنيّ متعصّب وغنيّ.. نصحوها بمراسلة المعلم أوريجانس أستاذ مدرسة الإسكندريّة الكبير.. كتبت بربارة إلى أوريجانس بما يدور في رأسها من أفكار دينيّة فلسفيّة وطلبت إليه أن يتنازل ليكون معلمًا لهاّ، فابتهج بذلك وأجابها على رسالتها، موضّحًا حقائق الإيمان المسيحيّ وأرسل لها كتابًا بيد تلميذه فالنتيانس، ولما قرأت رسالته امتلأت من الروح القدس، وأدخلت فالنتيانس الى قصرها ليكون أحد أساتذتها فلقّنها أصول الإيمان المسيحي.  
   آمنت وتعمّدت وتأملت وصلّت وحطّمت التماثيل، واحتشمت وسجنت في برج وهربت من أبيها الظالم، وطلب مساعدة الوالي مركيانوس اعتقلت وعذّبت وقُطع ثدياها إلى أنْ قطع الأبُ رأسَها بيديه ٢٣٥م، فحدثت معجزات، اما هو فعوقب حرقًا بصاعقة...
   موقع سانت تقلا  الرقميّ يقول: وُلدت في قرية جاميس التابعة لمدينة ليئوبوليس بنيقوميديا، في أوائل القرن الثالث في عهد الملك مكسيمانوس الذي تولّى الملكَ سنة 236م. تختلف المصادر في تحديد هويتها، فمن قائل انَّها وُلدت في نيقوديميا (في آسيا الصغرى) الى قائل انَّها وُلدت في لبنان، في مدينة بعلبك، الى قائل انَّها ولدت في فلسطين، وحتى في مصر(حسب الأقباط).

الفيلولوجيا تكشف سر "بربارة":
******************************         
    ما الحدث الحقيقيّ الملازم  لمناسبة  "البربارة"؟
   ضاع الرواة في تأكيد مكان ولادة بربارة رغم أن الحدث لم يتغيّر عبر الزمن، من بعلبك إلى جاميس الى نيقوديميا الى لبنان إلى فلسطين إلى مصر القبطيّة، فكيف حفظ الرواة الحدث؟ ولم يحفظوا المكان؟
   ثم تكرّر وجود القمح كحدث محوريّ لدى الرواة دون مبرّر ...
   ثم التعذيب وخاصة قطع الثديين، الأمر الذي  تكرّر مع القديسة "أغاثا" بعد قليل من السنين أي في ٢٥١ حتى سمّيت شفيعة الأثداء، وانتشرت اللوحات التي تتناولها، وكأنَّ السيناريو لازم للراوي (أو هو تعبيرعن حالة عنفيّة بسيكولوجيّة).
   لذلك ندرس الاحتمالات الفيلولوجيّة لعلّها تكشف السرّ باختصار شديد:
   أولاً: الاسم يتألّف من الجذر "بر"  و"بار".
   ومن السهولة الإشارة الى أن "البرّ" وهو القمح...
   مما يفسّر وجوده المحوريّ وسط الحدث...
  لذلك يتناول المحتفلون في هذه المناسبة القمح المسلوق المزيّن بالسكاكر والمكسرات والألوان لزيادة عامل التغذيّة.
  والبرّ، هو البريّة والفلاة  المزروعة بالبرس.
  ونكتشف أنَّ البربارة هي شفيعة بلدة "برسا" المجاورة لطرابلس لبنان،  دون أن يدريَ أبناءُ البلدة ان القضيّة فيلولوجيّة فالاسمان من الجذراللغويّ (بر).
  وكذلك فإنَّ "البرَّ" هو الابن.
  والبارُّ، هوالابن الوفيّ... وهو الباريء الشافي والبريء من التهم.
  إذًا،  هو عيدُ البرّ أي القمح،  والحنطة، والخير والرزق والخصب.
  إذًا، هو عيد "الابن البار" الوفيّ والباريء والبريء.
  إذًا، هو عيد يتطابق مع ولادة الابن البارّ الذي أبرأ المرضى والبريء من التهم... لعلّه المسيح نفسه.
  أمّا لماذا ذكر المناطق المذكورة أعلاه؟؟ نرجّح  أنَّها غنيّة بحقول القمح...
  وهنا نلفت الى أن "براباس" الذي هُتف باسمه لدى محاكمة المسيح ما هو إلاّ المسيح نفسه (لأنَّه هو البر + راب + س)  أي "ابن الربّ الآب" الأمر الذي لا يدركُه القاضي الرومانيّ، ولن يكتشف اللعبة اليهوديّة في المحاكمة...
  هذا باختصار لأنَّ الموضوع طويل..!