الفردوس
في هذا الطقس الحار المديد، نستذكر البرود لا البرد.. ونحاول ان نرى كيف تعاملت اللغة العربية الصحراوية مع الموضوع!!
البرد من الجذر "برد" الذي يوصل ويتواصل مع "البردايس" وهو لهجة من الفردوس والفردايس.. مما يجعلنا نستنتج ان "الجنة" في الثقافة المشرقية هي باردة.. وانتشرت في العالم الغربي.. رغم كون مناخه باردًا عامة واعتمد المفهوم الفردوسي المشرقي الصحراوي..
والبردوس والبردايس كلاهما يؤشّران الى كلمة من قسمين:
البر+ دو + س. من المعروف ان السين هنا لاصقة للتعظيم، و"البر" معروف هو البرية المكشوفة، وكذلك تتواصل مع البر واليابسة، عكس البحر، والتي تظهر للبحارة القادمين.. لذلك اطلق على المرافيء كلمة بر وبور وبورت..
كما تواصلت مع برّا وبرات أي (خارج نطاق القبيلة) ولكن اللفظ يوصل الى البرّ والبار والبرء.. أي الأبن والوفي والشفاء.. أي كلها صفات حميدة..
اما القسم الثاني هو "دَوّ" وهو قاموسيّـًا مرادف لبرّ وبرية.. ويتواصل الجذر مع الدواء أي الشفاء والبرء.. وكذلك هو لهجة من الضو أي الضوء والنور والنهار.. طبعًا لان "برات" كهف القبيلة مضيء.. وانتقلت الكلمة الى الغرب صارت ( داي)..أي النهار.. الذي صار اليوم..
والجذر الثلاثي هو " برد".. وبالتالي فان الفردوس بارد حتى لدى الشعوب الباردة..
ونستذكر القرآن" قلنا يا نار كوني بردًا وسلامًا على ابراهيم.."
ولا يسعنا الّا الأخذ باللفظة الفرنسية " بردون" التي تتواصل مع البرد..
هنا، رب سائلٍ، ما علاقة البر بالفر؟ نعم هناك علاقة وثيقة، لهجية وتاريخية.. ليس مجالها هنا..
في النهاية، وباختصار، يبدو الاتفاق العام على ان الجنة باردة، وجهنم حارة.. لعل فيما نلاحظ ان الشرقيين يقصدون الغرب البارد هربًا من الشرق الحار..