الأربعاء، 17 فبراير 2016

قصة : بكتريا الحب



     قصة قصيرة:  بكتريا الحبّ                                                       **************

   لم يقلْ أحدٌ أن للحبّ  نوعًا من أنواع البكتريا السائدة في الكرة الأرضية..سابقًا، قيل.. منه المفيد ومنه الضارّ..
  قيل لا يمكن للإنسان الإستغناء عن بعضٍ منه ..
  قيل هو المسبب لانتشار الامراض والأوبئة..
  قيل من أنواعه ما يعيش في جوف الحرارة العالية..
  في فوهات البراكين قريبًا من الحمم المنصهرة..
  قيل من أنواعه ما يتكاثر حتّى في جليدالمحيط المتجمّد..
  قيل من أنواعه ما يعيش على الاوكسيجين، أو بدون أوكسيجين
  يعيش في طبقة الاتموسفير وفي الفضاء الخارجي..
  قيل يحيط بنا يرافقنا طوال حياتنا لا يفارقنا نتنفسه نأكله
  قد ندري أو لا ندري.. ينام معنا وبيننا
  قيل نرضع أول بكترياتنا مع حليب الأم.. ويرافقنا اينما ذهبنا
  يرافقنا كيفما توجّهنا رفيقًا رفيقًا غير ثقيلٍ
  إذًا هو الذي ينسج علاقةً وثيقةً بين الأم ووليدها
  تبدأ العلاقة البكتيرية من رحم الرحمة الى جدث الرحمة
  ينسج هذا المخلوق راحةً بينهما فور التقارب بينهما
  كأنما جينات هذا المخلوق مشتركة بين الكائنين الوالدين والوليد...

  ...قيل حياة هذا المخلوق قصيرة.. ولكن..!

  قيل وهبته الطبيعة قدرة عظيمة على البقاء
  قيل وهبته الطبيعة قدرة عظيمة على التكيّف
  قيل يتكاثر بسرعة هائلة وبكميّات هائلة
  قيل يقفز قفزات نوعية وجينية سريعة
  قيل أكثر كائن يكتسب المواصفات الجديدة
  قيل في لحظات قليلة ينسل انسالًا جديدة
  قيل حسب البيئة يستولد أجيالًا لهذه البيئة
  قيل ما التقى اثنان إلّا وكانت البكتريا بينهما..!

  قال لذلك أحبّ أمي بل استريح الى جانبها

  قال أحبّ أصدقائي استريح الى جانبهم
  وتوقّف صاحبنا مفكّرًا.. همسَ  لذاته  (ايه)
  ضرب كفّــًا بكفٍّ !؟
  اذًا هذا ما نشعره كلما تقاربنا
  اذًا لا نشعر نفس الشعور مع غريب
  اذًا يحيط بنا دافع يحول دون التنائي
  اذًايحفّزنا للتلاقي
  اذًا يدفعنا للشوق واللهفة
  اذًا البعاد حارقٌ وجرعةُ بكتريا ملطّفةٌ
  قالت لاارتضي النأيَ عنك
  استريح بين يديك على صدرك
  اجهل الأسباب التي توثّقني بك
  اشتاق بسرعة للقياكَ
  ما لي عاجزة عن استبدالكَ
  اعتدتُ عليكَ حبيبي
  قال لا شفاء لي من هذا الداء
  قال لا علاج في البيْن
  أحبك حتى الوفاة
  انتِ دائي ودوائي
  أنتِ الحيوي والمضاد الحيويّ
  هذا ما لا مناعة مكتسبة منه..!

  حالت الظروف بينهما.. عاشقان منذ الطفولة

  تربّيا معًا.. الأيّام قاسية.. والأهل تحوّلوا عن الجيرة
  ناحا كعاشقين بل هما عاشقان حقّــًا
  توادعا.. انفصلا بعد لأيٍ وطول ابطاء
  انهما ديما وديموس
  سُمّيا نفس التسمية
  أتراب جيران أهل وأصحاب
  بكاء وسهر الليالي وقلق الفراق
  رسائل واتصالات
  أوراق من أثر الحبيب..
  ضعف وهنٌ وهذالٌ
  ارضاء واسترضاء
  اغراءات واجراءات
  ترغيب وترهيب
  اقناع وتشجيع
  ما بقي الّا طبيب وحكيم
  أحدهما للوصفات والثاني للحكمة
  قال لا شيء يستدعي الاستئصال
  قال الآخر لا علاج للعشق
  وداوها بالتي كانت هي الداء
  عُرِضا على مشايخ
  منهم من قال ما التقى اثنان إلٌا وكان بينها
  لم ينبث باسمه
  والعلاج بالصلاة والصوم..!

  ..قيل اسأل مجرّب ولا تسأل حكيم

  قال المجرّب: لا علاج لهذين الاّ على قاعدة..
  وداوِها بالتي كانت هي الداء
  سُئل كيف.. أجاب نحن السابقين وهما اللاحقَين
  سُئل كيف أصبنا كلّنا بما أُصيبا
  يا اخوتي تلك البكتريا تتكيف بسرعة
  كلّ الأدوية تصبح من الماضي بعد اول جرعة
  سُئل والحلّ
  ابتسم كمن حقّق انجازًا عظيمًا
  ابتسم كعاشقٍ يستعد للقاء الحبيب
  كادت تدمع عيناه من فرط السنين َ
  لكليهما جرعة من حبّ الحبيب
  كيف؟ والجواب حاضر:
  الحاجة سريعًا لبكتريا الحبّ
  اعملوا على تبادل الألبسة
  دون غسيل دون كوي..
  دمعت عيناه مد ّيديه تأبّط قميصًا معلّقًا
  قرّبه الى صدره الى وجهه
  مرغه بالكفين تنشق وتنشق وتنشق
  مسح دموعًا حارّةً بذاك القميص
  وقال وصفتَه: في البداية ثلات جرعات في اليوم
  تتناقص الى أن يقضيَ أمرًا كان مفعولا..

  .. بعد فشل كل التعاويذ

  بعد سقوط كل محاولات السحرة
  بعد كلّ الرُقى  والصلوات
  أزعن أولياء الأمر لتجربةِ وصفة المجرّب
  إذ لا حلّ بالعودة للتقارب
  حيث الظروف قاهرة..
  وجدوا الطريقة والقناعة بتبادل القمصان
  غير مغسولة وغير مكوية

  وأقسم أولياء الأمر على تزويجهما في حينه

  اطمأنّ الاثنان  واتفقا على النجاح
  راحت ديما تتخصّص بالبيولوجيا
  راح ديموس يتخصّص بالمعلوماتية
  وضعا نصب أعينهما هدفًا قلّ نظيره
  وما يزالان يعملان على تحقيقه
  هو ( أيجاد بكتريا الحبّ رقميّــًا عبر الانترنيت)
  قالا: بكتريا الحبّ سيقضي على الفيروس الالكتروني..
  ***************************
راجا يوغا الحبّ"
---------------
    كلّ من سمع الكلامَ  وجم وإندهش..
    وهذه العروس وجمت..  ويدور في رأسها الحجر كحجر الرحى.. كيف يمكن لتقنية الحبّ أن تفعل العجائب بل أن تفعل المعجزات؟ أدركت كما يدرك الجميع إن الحب هو السبب في الولادة والنسل.. والولادة كالمعجزة ولو تكاثرت.. ولكن المقصود تحقيق المعجزة السحرية التي لا يحقّقها أيٌّ كان.. وهي بحاجة الى الحبّ لكي تتمّ وتنجز.. والسؤال هل مارس القديسون تلك التقنية؟ نعم..! والشرطٌ  الآخر هو أن لا تجرّب الرب إلٓهك.. أي القناعة هي الأساس..
   والعريس وجم أيضًا.. بل كلاهما فرحا فرحًا وفيرًا..
   فالوسيلة متوفّرة.. وها هو الحبّ حاملٌ بالغاية والوسيلة معًا..
   وما زادهما الدرس والدراية سوى حبّ على حبٍّ..
   صار يحبّها أكثر..
   صارت تحبّه أكثر..
   عندما تحابّـا.. والتحما.. كانا يحلمان بالولادة طبعًا.. وبأشياء أخرى طبعًا.. وفي لحظات النشوة أومض في رأسها نورٌ عظيمٌ.. وأومض في رأسه نورٌ عظيمٌ..
   كانت نشوة الحبّ وقمتها مرافقةً لصورة السعادة  بمالها وأملاكها، وخيرها ورزقها العميم.. كانا يشاهدان المستقبلَ زاهرًا مزدهرًا أنيقًا سعيدًا.. كانا يشاهدان أبنيةً وآلاتٍ وأسباب الراحة.. أنه شريط طويل مديد من المرئيّـات.. لا يدركه إلّا من أحبّ تلك التقنية وأتقنها.. إنها "التنترا" العملية المتطوّرة  بمفاهيم تطبيقية وبالعمل والأمل والعلم..

    وكلّنا يدرك ما هي التبدّلات التي قد تحصل..  وكلّ النسوة يدركن ماذا يفعلْن.. وكلّ الأمهات مررْن بتلك التجربة..  ولكن ليس كلّ الناس يدركون سرّ المعجزة..

    طبعًا يعلم الجميع ما العمل لدى الحمل، وما الحوافز المستجدّة لدى العروسين.. ما الاهتمامات والإندفاعات والحماس..  وإطلاق التسميات وإختيار المناسب منها.. للأناث أسماء وللذكور أسماء.. ودون معرفة ما ستسفرُ عنه الولادة، أتفق الزوجان على إسمٍ مشتركٍ بين الذكور والأناث..سيطلق على المولود القادم.

     نعم، كان الشغل الشاغل كما قالت، أن علينا يا حبيبي أن نعمل على توفير الضمانات المستقبلية للمولود والمواليد..

    ولكن، لا يعلم الكلّ أن الأجنّة سحرة يغيّرون ما لا يتغيّر.. يحققون المعجزات في أرحام الأمهات ومنها.. ألم يقل المثل أن المولود يأتي ورزقه معه؟

   وها هو الجواب نفسه.. والضمانة نفسها.. بالحب وحده.. كلّما عظم الحبّ عظمت النتائج.. وباتا أكثر العشّاق عشقًا.. فما أسهل أن يعشق المرء ما يعشقه..!

   كانت ساعات.. محشوّة نجوى وسمرًا وسحرًا.. هو السحر إيّاه.. دون لفّ ولا دوران.. ذاك الذي كان يُمارس  لدى أجدادنا البدائيّون.. ساعةَ السحر حيث يليه صحوُ الصباح.. لذا تلازم السحر والسحر بالحَرف والحِرف..
    ختم الحكيم الهندي كلامه:
    بلا طول سيرة.. لقد ربحا الكثير من الماديّات والمعنويّـات مما يفيض عن الحاجة ومما يمكن أن يورّث للأبناء والأحفاد.. وأبرز المكاسب كانت هي السعادة والوفاق والهناء..

    بعدما أنهى الحكيم الهندي حديثه تحسّس ياقتَه الجديدة.. وملّس لحيته البيضاء وارتشف جرعة من الماء، واستعدّ للترجّل عن المنبر.. وفيما كان يهمّ بالمغادرة، سألته:
   طالما كنّا ندرك أن الحكيم الهندي هو فقير هنديّ.. يمارس اليوغا، فيما نراكَ بالعكس تمامًا.. تبدو في أحسن الأحوال.. فما هو السبب؟.
   أجاب:
   إنّه الحبّ إيّاه.. فلقد جئت أنشر الغنى لا الفقر.. جئت أنشر الحب لا الكره والحقد.. ووقتي أعزّ وأضيق من أن أضيّعه بالكراهية.. فهل وجدتم غنيّـًا كره المال.. وهل وجدتم سعيدًا أحبّ التعاسة.. اتبعوا الحب تُحبّوا.. اتبعوا الحقد تموتوا بغيظكم.. ويا أعزّائي، لم أحدّثتكم عن اليوغا بل عن الراجا اليوغا.. انها اليوغا الملكيّة الخاصة بالمهراجا انها الراقية.. فهل وجدتم ملكًاغير مالك؟؟