قصة قصيرة: الصورة الليلكية..
هذه القصّة الاسطورية قصيرة جدًّا
عند "شانوحا"* كان العاشقان الفتيّان يتنزّهان عصر ذاك اليوم.. كانت الشمس تضفي على الخط الساحلي دفأها.. كانا يطلقان أبصارهما بعيدًا الى الأفق.. حيث توافق الأزرقان.. كانا يتمتعان بالمجاورة والترافق والمكان والزمان.. كل العناصر كانت تلائم العواطف والمشاعر الشبابية.. والمئات من المتنزهين يتريّضون على رصيف الكورنيش البحري.. واليمّ على مد عينك والبصر..
كان يخاطبها عن حلم.. حلم المراهقين.. كان في تلك الليلة، يجلس الى مقود مركبة غريبة الشكل والتجهيزات.. والسرعة.. في البداية كان كلّ شيء معتمًا والظلام حالكًا.. وجد نفسه يدير مفتاحًا الكترونيّـًا معاصرًا ومتطورًا جدًا.. وما أن تواصلت المركبة بالبرمجة المعقّدة حتى أقلعت بسرعة ضوئية فاقت أي سرعة مرت على ذهنٍ خيّال.. ولم يستطع إلاّ رؤية ما في المركبة فقط..
قال لها: المفاجأة العظيمة كانت بظهورك الى جانبي.. جلنا في أجواز الفضاء والأكوان.. رأينا مجرات تمرّ ذات اليمين وذات الشمال.. لم يستقر مشهد عند بصيرة.. كنت وكنّا في عز الفرح والسعادة.. والأنوار متنوعة منها ملايين الإحتمالات والمشاهد والمناظر.. حبيبتي.. آهٍ لو لم ينتهِ هذا الحلم وهذه الرؤية..
كانت الفتية تستمع وتحلل.. شاردة الذهن سابرة أعماق المشاعر.. فرحة كادت أن تحلّق بها الى الغيوم.. قالت: الفرح يفرفر ويطيّر ويرفرف.. كما الحمامات والعصافير والأرواح..
وفي لحظة من اللحظات الغامرة الحالمة.. وجدا الأنوار تتغيّر.. لم يعد النور الأبيض أبيضَ.. ولا الأصفر أصفرَ.. ولا الأزرق أزرقَ.. البحر والجسر وبرّ شانوحة.. وجبل تربل وجبال لبنان الشاهقة.. والسحابات والأفق الأفق.. حثّا الخطى الى أعلى الجسر.. أطلقا الأعين بكلّ الاتجاهات.. تغيّرت الألوان.. تداخل الأحمر بالأزرق..
مرغا أعينهما.. الليلكي سيطر على كلّ الاتجاهات .. على السماء والبحر والبر والطرقات والشوارع والناس..
انّه الليلك.. صرخا معًا.. وصرخ غيرهما.. صرخ الجميع.. أنه الليلك.. أنها الليلكية أقبلت..
انها جنية المراهقين انها جنية العشّاق.. أتت محلّقة.. نشرت لباسها الملوّن.. بسطت جناحيها.. طلت العالم بالليلكي.. سُمعت أصواتٌ تهتف.. "ليليت.. ليليت".. أصوات تغنّي ، أصوات تصدح، أنغام، مواويل، كلّها تغني: آه ياليل.. آه يا عين.. أبواق طرب ومطربون "ليلى يا ليلى".. يقولون ليلى في العراق..
تداول الناس عمّا يفعلون.. هلمّ نوثّق اللحظة.. وثقّوا اللحظة.. قد لا تتكرّر..
راح الجميع يوجّه أجهزته في كلّ الاتجاهات.. والتقطت المشاهد الرائعة، العشاق هم أوّل المتحمّسين.. إنها جنيتهم إنها فأل الخير، وبين كلّ الحاضرين كان هناك أحد أقطاب الليلكيّن.. جاهزاً لحفظ المشهد.. لنشره في العالم ليطلع عليه الليلكيّون.. فاستأثر باهتمام الجميع، فاستغلّ العاشقان انشغال الآخرين فاسترقا قبلةً في غفلة عن الأنظار..
*شانوحا.