الثلاثاء، 12 ديسمبر 2017

الكتابة على جلدة الرأس


   عنوان الكتاب الأوّل الذي أتحفنا به الدكتور "بلال عبد الهادي" <لعنة بابل> ، لم يكن أختيارًا عبثيًا منه،  سيما وهو الضليع بالتاريخ واللغة والحضارات القديمة والحديثة، فلا شكّ كان قد اختاره عن سابق إصرار وتصميم، ذلك لكثير من الأسباب الكامنة خلف التراث اللغوي البابلي والذي أدى إلى تعدّد اللهجات التي أصبحت مع تقدّم الأزمنة لغاتٍ مستقلّة تباعدت عن أفواه الأقوام الكثيرة التي كانت متقاربة، رفعتها من الأرض المتواصلة إلى القِمم المنقطعة، عوامل الطبيعة المدمّرة، وخاصة الطوفان الذي تواصل بتقدير التراث العتيق حوالي الستمئة سنة تقريبًا...
   "لعنة بابل" أمتعنا فأشغلنا بالتراث اللهجي الذي لا تقلّ لعنته عن نعمته...
   كثير من الأمور تحمل في طياتها الكثير من الأضداد...
   وكلمات معظم اللغات فيها من الأضداد ما يفوق التعداد...
   والفكر الصيني كفيل بالتأكيد والتحقيق...
  واليوم ماذا عن عنوان كتابه الثاني الصامد الذي وقّعه مؤخرًا في المركز الثقافي الصفدي، والذي اختار له العنوان "الكتابة على جلدة الرأس"؟ وافتتحه بالمقال الأوّل الذي عرض فيه حادثة حصلت في زمن الخليفة المستعصم وأودت بالرؤوس التي استخدمت أداة لنقل الرسائل السرّية، بالحفر على جلد الرأس بالأوشمة والرسوم، ليأمن المرسل عواقبها ومكرها...
  وقبل أن يفكّر أحدنا باختيار عنوان آخر للكتاب ، فلم يغفل د. بلال، عن دفع البلبلة في نفس المقال الافتتاحي، عبر التذكير بالكتابة في الطين والنقش بالحجر وعلى جلود الحيوانات وعظامها، وعلى ورق الشجر أو القصب، وصولًا الى الورق، قبل معاصرتنا للكتابة الالكترونية الحالية... وهو الذي نشر ان النقش على الحجر لا يزال معمولًا به الى اليوم لأسباب فنّيّة أو جنائزيّة... كأنّما يستبق أفكارنا بالإجابة السريعة على اقتراحاتنا...
  رغم كل ما تقّدّم، نتذكّر الحكمة "العلم في الصغر كالنقش في الحجر"، والنقش متعب حقّـًا، ولكنه راسخ في الرؤوس كما أنه صامد أمام عوامل الطبيعة والتاريخ...
  وهنا لا بد من استذكار التعبير اللطيف والمصيب: "لقد دوّخت حجر رأسي" مما يوحي أنَّ في الرأس حجرًا منقوشًا أو عنادًا كالحجر الصخريّ من الصعب تحطيمه... ولكن الحجر أبعد وأعمق بكثير من ذلك..!
  فماذا تقول اللغة؟
  لا يمكن أن نتعدّى ونتجاوز صاحبَ الكتاب ورأيَه بعنوان ومضمون مؤلَّفه الذي شرحه بوضوح، ولكنّ لكل كلمة في اللغة، أي لغة، أبعادًا ايحائية ورمزية ولهجيتها تخضع للتحليل الفيلولوجي... اسوة بالفنون والآداب التي لا تعبث في اختيار  أسماء الشخصيات والأبطال، منذ البدء في رسم اللوحات في القرون الوسطى وحتّى قبلها، وهي ذات تأثير متواصل في الزمن، ولا تزال محفوظة في اخراج الأفلام والمسرحيات، وكل العمليات الفنية التي تفضّل ألوانًا على ألوانٍ، بما يناسب الظروف والأدوار...
  من هنا لا يمكن لنا ان نمرَّ مرور الكرام على "جلدة الرأس" قبل اقتراح أي بديل... ذلك لانَّ جلدة الرأس من الجذر "جلد"، وظاهريّـًا نرى في الأمر جلادة، أي نجد صبرًا وتأنّيًا واصرارًا، في الرأس على انجاز هذا المؤلّف، مما يشكّل انسجامًا مع واقع الكتابة والتفكير والبحث والاخراج، وطبعًا بعيدًا عن عقدة "جلد الذات" البسيكولوجية، بل قد يكون من أمر الكتابة هو التعرّض للجلد بسبب المضامين التي تخالف الحاكم؛ وعلى كلّ حالٍ فإنَّ "الجلد" يبقى اقلّ عقاب من قطع الرأس المذكور بهدف إخفاء المكتوب وكتم لسان حامله الى الأبد... علمًا أنَّ الكتابة كانت تتمّ غالبًا على "جلود" الحيوانات في ذاك العصر؛ وكان <الابداع> من قبل الخليفة بإملاء النصّ على رأس ذاك المملوك المسكين الذي تعرّض للقطع لإتلاف الرسالة وحفظ سريّة المواقف الأميرية...
  والجلادة ناتجة عن رغبة  في التعبير عن مكنونات الذات، عندما لم تعد هناك قدرة على حجرها في (حجر) الرأس، وإلّا قد تسبّب ما لا تحمد عقباه لصاحب الرأس، الذي قد يدوخ حجُره...
  وبالمقابل، قد يحظى الكتاب بغلاف مميّز، وقد يكون هذا الغلاف من جلد الحيوان، الذي يصمد في وجه الأزمنة وعوامل الطبيعة، أكثر مما يصمد الورق المقوّى...
  ولكننا نطمئن الكاتب أن في كتابه مما يحول دون قطع الرؤوس، بل يحييها، وفي مقالاته، رسائل علنيّة واضحة مكشوفة للعيان، "وشم" المضامين في الرأس وليس على على جلدته... لذلك هي "منقوشة في الحجر"... وذلك هو موضوع متابعتنا في الفصل القادم...
    الفصل الثالث: حول كتاب "الكتابة على جلدة الرأس"
  بما أنَّ الكاتب يوّجه مقالاته العلنية، ذات الطابع التعليمي والتربوي والاجتماعي، بالإضافة إلى المواضيع اللغويّة والتراثيّة، والاصرار على الرسائل المكشوفة، عبر أعتى الوسائل المفضوحة في التاريخ البشري، ألا وهي الفاسبوكيّات، والتغريدات،  والمدوّنات، الجوجولية، وهي خاضعة كلّيًّا للمراقبة المتواصلة الموثّقة الكترونيّـًا، حيال كل ذلك، فهو ليس بحاجة للكتابة على جلدة الرأس المميتة، بقدر ما حقق فعليّـًا النحت في الرؤوس الصلبة...
  يا ترى، أمام هذه المعطيات، ماذا لوِ اقترحنا عنوانًا آخر، وهو "الكتابة على حجر الرأس"..؟ الذي تلمّسنا أهدافه وغاياته القيّمة وتلمّسنا أبعادها وفوائدها..! لذلك ليس لنا إلّا العودة الى معبودتنا اللغة العربية وقاموسها الغنيّ لإدراك الفارق بين ما هو على الرأس وما في الرأس، والقاموس ما هو إلّا البحر المحيط، ولغتنا محيط هائل من المعاني...
   فماذا سنجد في حِجْرِ الحَجَرِ؟
   نقدّم أولى معاني "الحجر" على سائر المعاني الاخرى بسبب مناسبته للبحث إيّاه، فالمنجد في صفحته ١١٩: الحِجْر ج حُجُور وحُجورة وأحجار، هو "العقل"، والسبب الذي أورده المنجد، ذلك لأنّه يحجر أي يمنع الانسان عمّا لا يليق به...
  وفي تعليقنا نرى أن أن الكتاب هو بدوره يحجر الانسان عمّا لا يليق به.
  لذا، ندرك لماذا يقولون "داخ حجر رأسي" لان في الرأس حجر والحجر هو العقل، والعقل من الجذر عقل، والعاقل والرابط الربط والارتباط.. الخ.
  وبالتالي فإنَّ الكتابة على الحجر هي نقش في العقل..!
  ولنعلمْ أن تعبير "ألقمَه الحَجَرَ" يعني أفحمه بجواب مسكت ٍقاطعٍ، فهل يوجد مثل الكتابة الجلودة كي نستطيع الوصول الى حسم وجزم وحكم قاطع في أي نقاش؟!
  بل، إنّ الحجارة بين مختلف مواد الطبيعة من بينها حجارة كريمة غالية جدًّا، نذكر منها "الحَجَران" أي الفضة والذهب... دون ذكر باقي الأنواع التي اعتمدت في الطقوس والعلاجات الباقية حتى الآن...
  وعند ذلك، إذا كتبنا على الحجارة، فإننا نكتب على "حَرَم"،  لأنَّه هو المحجر، وهو أيضًا المحجر الصحي... ففي الكتابة عليه صحة وعلاج..!
  أكثر من ذلك هو الحضن الحاضن، والحصن الحصين..!
   ونكتفي بذلك، لأنَّ الموضوع "الحجري" ذو أبعاد فيلولوجية رمزية تتجاوز الحديث السريع...
  في الخاتمة المبدئية ندعو للكاتب العزيز "انتشار حجرته" أي كثر ماله، وكثرة عطائه.. وبالتوفيق..!




الخميس، 23 نوفمبر 2017

النور

                                                النور                 
                                          ١ 
  هناك، كان النور يغفو في كوخ صغير؛ كان يتمتّع بالراحة المديدة، كل شيءٍ مغلق، يحجب عنه العالم، كلّ العالم  الخارجي،  كان يحلم، يحلّق في فضاءٍ فسيحٍ عميقٍ عميمٍ، كان يحلم بطيورٍ مجنّحة في زرقة سماء، تحت بياض غيومٍ، تسبح على ريش ريحٍ رطبٍ.. هاهو من روؤس أمواج الى قمم جبال، يندّي الزهورَ وأفناناً غضّـةً، وبراعمَ وأوراقًا..
   كان النور يحلم.. والأحلام جميلة، ترفرف.. تعلو الحجر والبشر والحيوان والغاب.. يحلم بنسيم.. يقفز من عطر زهرة فواحٍ الى أنف صبية.. النور يرغب، النور يحبّ، النور يشمّ..

                               ٢
   عندما تفتّحت أكمام زهرةٍ عن وريقاتٍ حمراءَ قانيةٍ..
   عندها هبّ بعض النسيم يحملُ  عطرَها،  ويحرّك بعض منافذ الكوخ،  وما أن قدر النور أن يتثاءب، راح يطلّ برأسه عبر شقوق وثغور على الحقول والبساتين.. منتشرًا بسرعةٍ هائلةٍ.. يلوّن كلّ شيءٍ بألوانٍ بديعةٍ ملائمةٍ.. لوّن  رقيق أوراق الشجر بالأخضر.. لوّن الغصونَ.. لوّن الجذوع.. لوّن التربةَ.. وحلٌق يلوّن السماءَ بالأزرق.. فنانٌ أفلت من عقاله يختار لعناصر العالم ما تستحق من مشاهد وتعابير..

                               ٣
   ...فيما كان أخونا النور.. يشتم العطور..  والريحان.. والعبق.. كانت فرشاته تتراقص مع حفيفٍ  مع خريرٍ مع زقزقةٍ  مع رفرفةٍ مع تنهيدةٍ .. مزج لتلك الزهرة خيارًا جاذبًا.. بعض الأحمر.. بعض الأخضر.. مع بعض الطل.. وندّى خدودَ شذاها بالليلكي الليليّ المتلأليء حالمـًا كما النجوم الغافلة.. في ليل الأحلام..
   ..وهكذا همّ ينشرُ الفجرَ.. فجر الأنوار.. تسلّل عبر زجاج تلك النافذة، عبر ستائر مخرّمة..  وحطّ على خدين..
   ..الخداّن والوجنتان.. كلاهما مباركان.. بالأبيض بالقرمزيّ..  واستغرق زمنًا يخطّ  ويضيف ويصبغ تلك الشفتين .. والنور يكحّل كما ينير!.. فتسلّق الى الجفنين يكحّلهما بسوادٍ حالكٍ.. وذاك الشعرُ.. فيه من النور ما يكفي.. بل فيه من النسيم ما يرفّ ويفرح..

                               ٤
   شهّر النور بها.. فتية.. صبية.. هنية.. أيقظها حلم الصباح.. وانتصبت تتحقّق من ذاتها.. وذواتنا في المرايا.. ومرآتها الى جانب نافذة.. وحطّ  طائر النور على ثوب النوم.. انه ملاصق.. تقاسيم.. تضاريس.. صناعة الأنوثة إيّاها..
  النور متسلّل.. عبر الثنايا.. من خروم الأبر.. خارقٌ للنسيج.. حتّى كاد يظهر.. جسد غضّ يطلّ من الشفافية .. من الحياكة..
   أدركنا.. النور يتنشّق.. والجيد معّطر ناعمّ.. والجيد حريريّ..  والفتيات اناث مراهقات.. والمراهقات جاذباتٌ نورَ الذكورةِ.. والنور كما يبدو ذكر ذكر.. وهنّ يحببنه، يرغبنه، يردْنه!

                              ٥ 
  توقّف النور مفكّرًا.. والنور فكرٌ.. ما الحدقتان؟! ما البؤبؤان؟!  أدقّ شعاعاته حثّ ليصلَ الى انسان العين.. هذان البؤبؤان حادّا السواد.. حالكان.. خارقان.. خرقا النور مشعّيَن من الجفنين..  انطلقا يلاقيانه.. يصدمان الضوء المتحرّك إليهما.. سحراه سحراه، يعكسانه.. يلتمعان تحت ألقِ الصباح المتلأليء عند النافذة..
   همست الصبية، صفّرت لطائر غرّيد يظفر بحرف جانبها..
   غنّت.. تراقص النور.. والغناء ليس صوتًا، الغناء شعور قلب.. تمايل لغناءالروح.. غنّت واللحن فيروزيّ.. والكلام ذهبيّ..
   الغناء غنى.. غناها اثنان..  سحرها سحران، ظهرا  عند السحر.. السحَر والسحْر متلازمان..

                               ٦
  فكّر النور.. والنور فكرٌ.. كيف؟ لماذا؟ واللون اللائق لصبية فتية.. يضفيه.. ومخدعها؟ غرفتها، جدرانها، ستائرها، لوحاتها، غضّ النور النظر.. والستر حقّ.. أفرغ بعض اللحظات بعيدًا عن قوامها.. ها هو الأصفر يحيط بالمكان.. والأصفر حبّ وغيرةٌ.. نورانيّ.. والمسدلُ مزهرٌ مورقٌ..
  للستائر صفاتٌ وأنواعٌ.. منه مأسور مع صبية فاتنة في مربّعٍ  منفردًا مسرورًا ماسًّا وممسوسًا.. منه ما يمتنع عن النور يعصي  الاختراق ويستعصي.. يحول بين هنا وهناك.. والناس أذكياء يعرفون ما يريدون.. يحجزون ويخرجون.. يستغلّون متى شاؤا، يتجاهلون متى شاؤا..

                              ٧
   طرق سمع النور حفيفٌ.. حفيف ثوب رقيق، والسمع نور.. والألوان شعاعات زهرية شفّافٌ..  ما كان منه إلّا أن  يرى.. نظر فشاهد ودهش.. الآن وكلّما إزداد انعكاسًا تكشف المزيد.. جمال وحسن وتناسق.. خالقٌ مبدعٌ حقّـًا..
  أحبّ.. وهو يحبّ! لو تسدل الستائر.. لكي يتفّرد معها بقليل من نورٍ..
  هكذا.. النور يتكثّف حسنًا وجمالًا .. عاف  ما دونه.. 
  أدرك النور.. فكانت العيون.. لانّ:
  النور يحبكن..
  النور يحبكم..
  النور يحبّنا..
  النور يهدي..
                                        (  ســـعد ديب )

الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017

الفردوس. بالفيلولوجيا العربية

الفردوس

في هذا الطقس الحار المديد، نستذكر البرود لا البرد.. ونحاول ان نرى كيف تعاملت اللغة العربية الصحراوية مع الموضوع!!
البرد من الجذر "برد" الذي يوصل ويتواصل مع "البردايس" وهو لهجة من الفردوس والفردايس.. مما يجعلنا نستنتج ان "الجنة"  في الثقافة المشرقية هي باردة.. وانتشرت في العالم الغربي.. رغم كون مناخه باردًا عامة واعتمد المفهوم الفردوسي  المشرقي الصحراوي..
والبردوس والبردايس كلاهما يؤشّران الى كلمة من قسمين:
البر+ دو + س. من المعروف ان السين هنا لاصقة للتعظيم، و"البر" معروف هو البرية المكشوفة، وكذلك تتواصل مع البر واليابسة، عكس البحر، والتي تظهر للبحارة القادمين.. لذلك اطلق على المرافيء كلمة بر وبور وبورت..
كما تواصلت مع برّا وبرات أي (خارج نطاق القبيلة) ولكن اللفظ يوصل الى البرّ والبار والبرء.. أي الأبن والوفي والشفاء.. أي كلها صفات حميدة..
اما القسم الثاني هو "دَوّ" وهو قاموسيّـًا مرادف لبرّ وبرية..  ويتواصل الجذر مع الدواء أي الشفاء والبرء.. وكذلك هو لهجة من الضو أي الضوء والنور والنهار.. طبعًا لان "برات" كهف القبيلة مضيء.. وانتقلت الكلمة الى الغرب صارت ( داي)..أي النهار.. الذي صار اليوم..
والجذر الثلاثي هو " برد".. وبالتالي فان الفردوس بارد حتى لدى الشعوب الباردة..
ونستذكر القرآن" قلنا يا نار كوني بردًا وسلامًا على ابراهيم.."
ولا يسعنا الّا الأخذ باللفظة الفرنسية " بردون"  التي تتواصل مع البرد..
هنا، رب سائلٍ، ما علاقة البر بالفر؟  نعم هناك علاقة وثيقة، لهجية وتاريخية.. ليس مجالها هنا..
في النهاية، وباختصار، يبدو الاتفاق العام على ان الجنة باردة، وجهنم حارة.. لعل فيما نلاحظ ان الشرقيين يقصدون الغرب البارد هربًا من الشرق الحار..

الاثنين، 20 فبراير 2017

المدرســــة التهذيبيّــــة
        في 
يوبيـلــها     الماســي
-------------------------------------------------------
  فيما يلي القصيدة التي أعدّها الشاعر:  "د. ميشــال جحـــا" بمناسبة الإحتفال باليوبيل الماسيّ للمدرسة التهذيبية  للصبيان الرسمية في الميناء والتي تلقّـــى فيها علومه،  وذلك بتاريخ ٢٣تشرين الأوّل سنة١٩٩٦
   علمــًا انّها تأسست سنة ١٨٩٦ميلادية..
  والقصيدة التي أعدّها شاعرنا في حينها نظّم مطالع أبياتها وفـقــًا للأحرف التي تؤلّف إسمها " المدرسة التهذيبية".. وننشر ماجاء فيها كمــا كان قد كتبها صاحبها بخطّ يده..
--------------------------------------------------------
     أ-   أَعدْني.. ولــو  يومـًا  إلَـيْهــا  زمانيـا
          وخذْ أشهرًا من صرحِ عمري.. وماليا
    ل -  لهـا.. مثلَمـا أُمّي.. عــليَّ فـضــائــلٌ
          سقتني السَّـنا صرْفــًا فنلتُ المـعاليـا
    م -  منـــارةُ علـمٍ عــزّ للـحــْرفِ أن تـــرى
          نظـيرتَـها مثـلى.. تــفـــوق المعانـيـــا
    د -  دمـــاثــةُ أخـلاقٍ بـهـيـئــتِهــا كـمــــا
          طيـوبُ   ورودٍ  مـازجـتهــا الأضالـيا
    ر -  رعَــْوها بصدْقٍ .. قلَّ عنــد معــلّــــمٍ
          ســـواهم.. فكانوا للتلامـيـذ أوْلـــيــا
    س- سعيـدٌ وعـبدُ الله.. بـكـرٌ  و رأفـــــتٌ
         وعازارُ، مفدي.. باسمٌ كلُّهُمْ    حَيــَــا
    ة -  هُـمُ غـيـثُ تهـذيبيـتي  ورفــاقـهـــم!!
          بماسيّـةِ التأسيس.. زيدوا التهـانيــا
               --------------
     ا- أيـا دُرّةَ  الميــناءِ  والأهــلُ  خـلّـــصٌ
        علـيكم  سـلامٌ  من صمـيم  فـؤاديــا
    ل- لحـقـتُ بقـلـبي وهـو قبـلي عنــدكـم
        يلـملم ذكرى الأمس، ينشـد ما بيـــا
    ت- تهافتَ كلّي، مذ دُعيتُ، على الوفـــا
        وما كنتُ يومًـا غيرَ مثــل  ابن عاديــا
    ه ـ هرقتُ دمي حِبرًا، وضعتُ قصيدتي
       ولـيس كـثـيرًا أن نـُفــدّيَ الـغـوالــيــا
    ذ- ذوو الفضْل لا تغـلـو الحيـاة علـيهـمُ
       ولا سيّــما أُمٌّ    تــذوبُ     تفــانيــــا
   ي- يضـيءُ  الوفــا الأعمارَ.. ينصرُ أُمّةً
        فأَجْملْ  بنــا نبـقى للـبنــانَ  أوفيـــا
   ب- بني أُمّتي!ما أعظمَ الشعبَ إنْ سَما
        وفــاءً لأرضٍ  واســتبـاح الأعاديــــا
   ي- يــدُ اللهِ يــا أمَّ الـينـبـوع  تشــدّنــــا
        إلى  بعضنــا حتّى نُعلــي المبانـــيا
   هـ- هنيئًـا لـكِ الـيوبيـل  والعــزُّ شـــارقٌ
        وبيـرقُ أهــلِ العـلـم يخـفـق عاليـــا.

                   ٢٣تشرين الأوّل   ١٩٩٦